تقرير اليوم الدراسي حول موضوع: حقوق الانسان بالمغرب التحولات والرهانات 24 شتنبر 2022


تقرير اليوم الدراسي حول موضوع:

حقوق الانسان بالمغرب التحولات والرهانات

 

أولا: السياق العام لليوم الدراسي:

يأتي تنظيم هذا اليوم الدراسي الهام موضوعا ومشاركة، في إطار سلسلة من الأنشطة العلمية التي دأب على تنظيمها المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية للمساهمة في إثراء النقاش بين مختلف الفاعلين في مجال حقوق الإنسان، حيث انخرط المركز بمعية شركائه في تنفيذ برنامج: "تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون" الممول من طرف الصندوق الوطني للديموقراطية NED.

إن المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية قد حرص في أشغال هذا اليوم الدراسي الذي نظم بتنسيق مع:

-     كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بطنجة

-     رئاسة النيابة العامة

-     المندوبية الجهوية لمؤسسة وسيط المملكة بجهة طنجة تطوان الحسيمة

-     اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة طنجة تطوان الحسيمة    

-  ماستر حقوق الإنسان بكلية الحقوق بطنجة

-     ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية بكلية الحقوق بطنجة

-     مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن بجامعة القاضي عياض بمراكش

-     هيئة المحامين بطنجة

-     نادي قضاة المغرب

-     المنظمة المغربية لحقوق الإنسان

 

على المساهمة في بلورة مخرجات من شأنها المساهمة في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتدعيم الممارسات الدولية الفضلى في مجال حماية حقوق الإنسان، وكذا استجلاء حقيقة الصعوبات المطروحة والبحث عن حلول لها، وذلك بتسليط الضوء بشكل جلي على التحولات التي عرفها موضوع حقوق الإنسان بالمغرب ورهاناتها الآنية والمستقبلية.

كما شكل هذا اللقاء فرصة سانحة لتسليط الضوء على التجربة المغربية في مجال حقوق الإنسان عبر مطارحة ومناقشة مواضيع ترتبط بتقييم موضوعي للتحولات التي عرفها موضوع حقوق الإنسان بالمغرب.

وما يميز التجربة المغربية في هذا المجال أن المغرب وفي إطار تعزيز مساره الديمقراطي وبناء مؤسساته الوطنية التي تهتم بحماية حقوق الإنسان والنهوض بها على مستوى التشريع والممارسة، عرف طفرة نوعية في مجال حقوق الإنسان إذ انخرط في العديد من الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون وذلك بإقرار مجموعة من التعديلات الدستورية وسن ترسانة قانونية جديدة وعمل على ملائمة التشريعات الوطنية مع الإتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، كما تم إنشاء هياكل حكومية ومؤسسات وطنية مستقلة تعنى بحقوق الانسان، ومع تنامي الأدوار الدستورية لمنظمات المجتمع المدني فقد تزايد عدد الجمعيات و أنشطتها من جهة، وذلك من أجل ضمان حماية حقوق الإنسان  والنهوض بها، فقد جاء في الفقرة الثالثة من تصدير دستور 2011 على ما يلي: وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية، فإن المملكة المغربية، العضو العامل النشيط في هذه المنظمات، تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها، من مبادئ وحقوق وواجبات، وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان، كما هي متعارف عليها عالميا.

ثانيا: خلاصات العروض والمناقشات

امتدت أشغال هذا اليوم الدراسي على مدى يوم كامل: يوم السبت 24 شتنبر 2022 ،وقد خلصت مداخلات المشاركات والمشاركين المتفاعلين حول موضوعها إلى إثراء نقاش جاد ورصين، وضع اليد على مجموعة من الإشكاليات الجوهرية حول موضوع حقوق الإنسان بالمغرب ويمكن تلخيص حصيلة أشغال هذا اليوم الدراسي فيما يلي:

الجلسة الإفتتاحية:

انطلقت أشغال اليوم الدراسي بجلسة افتتاحية، قام بتسيير أشغالها د.ادريس جردان، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بطنجة، حيث طرح السياق الذي تم فيه تنظيم هذا اللقاء والخطوط العريضة لمحاورها وأهدافها الرامية إلى الخروج بتوصيات فعالة لمخرجات النقاش بين المتدخلين والفاعلين في مجال حقوق الإنسان .

وقد تضمنت هاته الجلسة كلمات افتتاحية لممثلي الجهات المنظمة  لهذا اليوم الدراسي إذ تلخصت مضامينها فيما يلي:

أعطيت الكلمة في البداية للسيد المصطفى الغشام الشعيبي رئيس المركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية واستاذ جامعي بكلية المتعددة التخصصات بالناظورـ جامعة محمد الأول ـ، والتي ركز فيها على أهمية الشراكة التي تجمعه بالصندوق الوطني للديموقراطية والتي ستمكن المركز من تنفيذ مشروع طموح وراهني يتمثل في تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون وذلك انسجاما مع أهدافه المسطرة والتي يأتي على رأسها تعزيز حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون، وهو موضوع متجدد يحتاج إلى نقاش هادئ وبناء لنصل لمخرجات وتوصيات رصينة تهدف إلى تقييم التجربة المغربية في مجال حقوق اللإنسان واعطاء الزخم لحماية هذه الحقوق وتعزيزها والنهوض بها وملاءمة التشريعات والقوانين الوطنية مع المعايير والمبادئ الكوينة ذات الصلة بحقوق الإنسان بالإضافة إلى التربية على حقوق الإنسان وتعزيز القدرات، وضمن هذا المشروع  سيعمل المركز على انجاز دورات تكوينية لفائدة الطلبة والمهتمين والفاعلين في مجال حقوق الإنسان ، وايضا سيتم تنظيم محاكمات صورية في قضايا حقوق الإنسان بمختلف الجامعات وكليات الحقوق على المستوى الوطني، قصد تدريب الطلبة على الترافع على قضايا حقوق الانسان.

وبعد ذلك، تناول الكلمة السيد عبد العظيم الطويل نيابة عن عمدة مدينة طنجة الذي أكد على أهمية وراهنية موضوع حقوق الإنسان خاصة في ظل التحولات الحقوقية التي عرفها المغرب من بناء للمؤسسات وتعزيز مبادء دولة الحق والقانون وتكريس البعد الجهوي والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان، ومن شأن مقاربة هذا الموضوع أن يقدم اجابات وتقييم موضوعي يراعي الطابع الهوياتي للمغرب، وأكد على أهمية الدور الذي تلعبه الجماعات الترابية في ترسيخ قيم التضامن ومبادئ حقوق الانسان تعزيز المشاركة المدنية للمواطنين عبر تطوير معارف المنتخبين والأطر الإدارية ومهاراتهم، كما أن ترسيخ الفعل الحقوقي يفرض احداث وتقييم البرامج ورفع مستوى الوعي لديهم حول كيفية تطبيق مبادئ حقوق الانسان في البرامج التنموية وهو الأمر الذي يتطلب نهج آلية التقائية البرامج وتضافر جهود مختلف المتدخلين والفاعلين والمجتمع المدني.

من جانبه أثار السيد ادريس جردان استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة في كلمته الإفتتاحية نيابة عن عميد كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بطنجة ـ جامعة عبد المالك السعدي ـ بأن هذا الموضوع هو من المواضيع المتجددة التي تحتاج دائما إلى الدراسة والتتبع والتقييم، والتعليم العالي اليوم مطالب بالإنخراط بشكل مستمر في هذا الورش، وأكد على دور الجامعة في إطار الميثاق الوطني للتربية والتكوين على المساهمة في إثراء النقاش العمومي وصقل المصطلحات في إطار الإنتقال من الطابع الخلافي السياسي لحقوق الإنسان إلى الطابع العلمي الأكاديمي والموضوعي الذي يحتاج إلى رصيد علمي ومعرفي رصين.

وبعد ذلك تناول الكلمة السيد اسماعيل الكرفطي الجباري محامي بهيئة المحامين بطنجة وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان جهة طنجة تطوان الحسيمة واستاذ زائر بكلية الحقوق بطنجة والذي ألقى كلمة نيابة عن نقيب هيئة المحامين بطنجة أكد فيها على أهمية هذا اللقاء وراهنية هذا الموضوع خاصة على ضوء التحولات الهامة التي يعرفها البناء المؤسساتي الحقوقي الوطني، كما اكد على أهمية المخرجات التي سيخرج بها هذا اللقاء الهام.

وتناول الكلمة أيضا في إطار الجلسة الإفتتاحية السيد عصام بن علال ممثل اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة طنجة تطوان الحسيمة والتي أثار فيها دور اللجنة الجهوية لحقوق الانسان في تعزيز وحماية حقوق الانسان عبر آلية الملاحظة لمختلف الانتهاكات المتعلقة بحقوق الانسان جهويا مع اتخاذ ما يلزم من اجراءات في شأنها، كما أكد على دور المجلس الوطني لحقوق الانسان كمؤسسة دستورية ذات بعد استراتيجي في حماية وتعزيز مبادئ حقوق الانسان وطنيا والمساهمة في تطوير التجارب الدولية في هذا المجال.

بعد ذلك اعطيت الكلمة للسيد عبد الرحيم الهاني المندوب الجهوي لوسيط المملكة بجهة طنجة تطوان الحسيمة الذي أشار إلى دور مؤسسة الوسيط كمؤسسة مكملة للمجلس الوطني لحقوق الانسان من زاوية علاقة المواطن بالإدارة، فمؤسسة الوسيط ليست مجرد مؤسسة لتلقي الشكايات والتظلمات ومعالجتها على أهميتها، وإنما هي آلية مؤسساتية تهدف إلى المساهمة في ترسيخ الأمن الإداري وتخليق المرفق العمومي وتعزيز الثقة في القضاء المغربي.

ومن جانبها أكدت السيدة ايمان مساعد ممثلة نادي قضاة المغرب على أهمية مبدأ استقلال السلطة القضائية كحق من حقوق الانسان تكريسا لمختلف القوانين والمواثيق الوطنية والدولية، حيث يضمن تكريس هذا المبدأ ضمانات المحاكمة العادلة، وأكدت على أهمية الاتفاقية الموقعة بين المجلس الوطني لحقوق الانسان والمجلس الأعلى للسلطة القضائية والتي تروم تكوين السادة القضاة في مجال حقوق الانسان عبر ورشات تكوينية وتدريبية في مجال حقوق الانسان.

وكآخر مداخلة في الجلسة الافتتاحية التي إمتدت على مدى ساعة ونصف تطرق السيد ضافر العزوزي محامي بهيئة المحامين بطنجة وفاعل حقوقي وممثل المنظمة المغربية لحقوق الانسان لدور المنظمة في الدفاع عن حقوق الانسان على الصعيد الوطني خاصة الدفاع عن الحقوق الاساسية للمواطن كالحق في التعليم والصحة والشغل وغيرها من الحقوق وأوصى بمجموعة من التوصيات والحلول كالرفع من الميزانية المرصودة للقطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والشغل مع ضرورة اعتماد التوظيف الجهوي وفتح حوار وطني حول الحق في الاضراب والعمل على اصلاح بعض القوانين كقانون الاسرة خاصة منع زواج القاصرات ودعم البنية التحتية ذات الصلة بالمسنين وحماية البيئة عبر سن سياسات عمومية تتحمل فيها الجماعات الترابية مسؤوليتها في ايجاد الحلول الملائمة.

الجلسة العلمية الأولى:

تمحورت أشغال الجلسة العلمية الأولى  التي ترأسها الدكتور حسن الرحيية وهو استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بفاس حول تقييم وتشخيص التحولات المرتبطة بتعزيز حماية حقوق الانسان وطنيا واقرار مبادئ حقوق الانسان والعدالة الجنائية وتجسيد الحق في المدينة المستدامة على ضوء مخرجات النموذج التنموي الجديد، وفي إطار مقاربة هذه المحاور، فقد تضمنت عروض المشاركين في هاته الجلسة العلمية أفكار وحلول واجابات لمست جوانب عديدة، نوجز مضامينها فيما يلي:

العرض الأول: تناول خلاله السيد اسماعيل الكرفطي الجباري محامي بهيئة المحامين بطنجة وعضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان جهة طنجة تطوان الحسيمة واستاذ زائر بكلية الحقوق بطنجة الحديث عن " التطور المؤسساتي والدستوري لحقوق الانسان بالمغرب ـ التوجهات الكبرى" طرح بداية اشكالية محورية حول هل هناك تحولات نوعية في مجال حماية حقوق الانسان بالمغرب؟ وفي محاولة اجابته على هذا السؤال تطرق إلى أهم المراحل التاريخية التي ترصد تطور حقوق الانسان بالمغرب بدأ بعد مرحلة الاستقلال مباشرة والتي سماها بمرحلة بناء الدولة حيث تميزت هذه المرحلة بتوترات اجتماعية وسياسية أدت في مرحلة لاحقة للانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، والتي طويت بتجربة العدالة الانتقالية ومحاولة بناء المؤسسات وتشكيل هيئة الانصاف والمصالحة والتي مما لاشك فيه شكلت لحظة فارقة في مجال حقوق الانسان بالمغرب، كما تطرق للتوجهات الكبرى التي تطبع التطور المؤسساتي والدستوري.

العرض الثاني: تناول الكلمة الدكتور عبد الحفيظ أدمينو رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق السويسي جامعة محمد الخامس بالرباط، بعرض حول موضوع " أي تقييم لفعلية حقوق الانسان في السياسات العمومية"،  حيث بدأمداخلته بطرح سؤال حول كيف يمكن إدماج حقوق الانسان في السياسات العمومية؟ ثم لماذا عملية التقييم؟ وما هي منظومة التقييم؟، وفي اجابته تطرق بداية لمفهوم الفعلية التي تعني ما تم انجازه على أرض الواقع بخلاف مفهوم الفاعلية التي تعني ربط النتائج بالأهداف والنجاعة التي تربط بين الوسائل والأهداف، وعليه فالفعلية هي ما تم تحقيقه بالفعل من ولوج سلس للمواطنين إلى حقوقهم والتمتع بها، أو بعبارة أخرى فالفعلية هي كيفية نقل الحقوق إلى أن تصبح واقعا معاشا. فالفعلية هي مؤشر ومقياس يبين العلاقة بين حقوق الانسان كمبادئ والواقع الحقيقي والفعلي، فالأمر يتعلق بقدرة الدولة من خلال مجهوداتها المبذولة من تمكين الأفراد من التمتع بهذه الحقوق أي الإنتقال من الطبيعة القانونية إلى الطبيعة الواقعية لحقوق الانسان، ومن مداخل تحقيق الفعلية انتهاج حقوق الانسان في السياسات العمومية كالمشاركة والمساواة وعدم التمييز والتمكين والوقاية والنهوض والحماية، ومن جهة اخرى اشار الاستاذ ادمينو إلى سلة من المؤشرات التي من خلالها يمكن قياس مدى فعلية حقوق الانسان منها مؤشرات هيكلية متمثلة أساسا في التدابير التشريعية والقضائية، ومؤشرات تدبيرية متمثلة في مدى اعمال حقوق الانسان أثناء تنفيذ السياسات العمومية ، كما أن هناك مؤشرات أخرى متعلقة بالنتائج التي تم تحقيقها والمكتسبات التي تم انجازها.

العرض الثالث: تطرق الدكتور عبد القادر مساعد استاذ بكلية الحقوق بطنجة ومنسق ماستر حقوق الانسان بكلية الحقوق بطنجة ومنسق المركز الدولي حول الابعاد الجديدة لحقوق الانسان من خلال مداخلته حول موضوع: "قراءة في آليات الانتقال من ثقافة حقوق الانسان إلى علم الحقوق والحريات" لحتمية الانتقال من ثقافة حقوق الانسان التي تختلف من مجتمع إلى آخر إلى علم حقوق الانسان الذي يبقى ثابتا بالرغم من اختلاف الثقافات والاديان، ومن بين الآليات التي يمكن اعتمادها في تفعيل هذا الانتقال ضرورة تحقيق التوازن بين الجانبين العملي والعلمي مع فتح الفضاء الفكري والدفاع عن القيم المشتركة والمرجعيات ذات الأثر العقلاني، مع ضرورة اعادة التفكير في العلاقة القائمة بين حقوق الانسان والعلوم القانونية.

العرض الرابع: تناول فيه الدكتور الغالي الغيلاني استاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش ومستشار وخبير في مجال العلاقات الخارجية والدراسات الدبلوماسية والجيواستراتيجية من خلال عرضه الموسوم : " قراءة في ملائمة مبادرة الحكم الذاتي لقضية الصحراء المغربية مع المعايير الدولية لحقوق الانسان"، حيث أكد أن مبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية هي مبادرة جاءت لتكرس حقوق الانسان كما هي متعارف عليها دوليا ولتضفي الشرعية الوطنية والدولية على هذه المبادرة الجدية وذي المصداقية، حيث هناك مستويين مستوى قانوني يتمثل في الإطار الدستوري الذي أقر بجميع مبادئ حقوق الانسان الأساسية الواردة في المواثيق الدولية، ومستوى مؤسساتي والمتمثل في الفصل بين السلطات وخاصة ضمان استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.

العرض الخامس: وفي آخر هذه الجلسة العلمية اعطيت الكلمة للاستاذ عبد العزيز جناتي رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية لالقاء عرضه حول موضوع " الحق في المدينة المستدامة على ضوء مخرجات النموذج التنموي الجديد"حيث أبرز مفهوم الاستدامة التي ترتبط بالمساواة والعدالة الإجتماعية وهي من المفاهيم التي انخرط المغرب في تحقيقها انسجاما واهداف النموذج التنموي الجديد الذي يهدف إلى المحافظة على الموارد المائية والغابات وانجاز مدن مستدامة تحترم البيئة وتحافظ على المقومات الطبيعية والإرث الحضاري للمدينة.

الجلسة العلمية الثانية:

تمحورت أشغال الجلسة العلمية الثانية  التي ترأسها الدكتور عز الدين الماحي وهو مدير مجلة محاكمة وعضو بعدة مراكز قانونية حول محاور متعلقة أساسا بالمسار الحقوقي للسياسة للجنائية ودور النيابة العامة، والمفهوم الجديد للعقوبة والتربية على المواطنة ، وقد تمت مقاربة هذه المحاورعبر عدد من عروض المشاركين في هاته الجلسة العلمية، نوجز مضامينها فيما يلي:

العرض الأول: تناول فيه الدكتور هشام بحوص وهو استاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بطنجة ومنسق ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية ومنسق ديلوم العدالة الجنائية وحقوق الانسان ومدير مختبر الأبحاث القانونية والاقتصادية والاجتماعية والدراسات الاستراتيجية موضوع: "المسار الحقوقي للسياسة الجنائية المغربية في مرحلة الأزمات"، وأبرز أن أهمية السياسة الجنائية وقوتها تبرز خلال الازمات التي تمر منها الشعوب وقد عرج على الازمات منذ استقلال المغرب وتحدث بتفصيل حول أزمة السياسة الجنائية في مرحلة الطوارئ الصحية حيث عرفت توقف الاجراءات والمحاكمات القضائية والقدرة على تجاوز ذلك عبر صياغة حلول منها اتباع نمط المحاكمة عن بعد بالرغم مما صاحبها من نقاش.

العرض الثاني: من خلال مداخلته العلمية حول موضوع: " دور النيابة العامة في تعزيز وحماية حقوق الانسان من خلال تنفيذ السياسة الجنائية" أوضح الاستاذ ياسين العمراني ممثل لرئاسة النيابة العامة جواب على السؤال المطروح كيف لرئاسة النيابة العامة تفعيل مبادئ حقوق الانسان من خلال السياسة الجنائية؟ حيث تقوم النيابة العامة على مقاربة أساسها أولوية تنزيل مبادئ حقوق الانسان ، من خلال مستويين: المستوى الأول من خلال توجهات عامة تنزلها تنزيلا حقوقيا، والمستوى الثاني: توجهات عامة تنفذها النيابات العامة على صعيد المحاكم، ويحكم عمل النيابة العامة مبدأ التخصص في معالجة حقوق الانسان وتدخلها إما أن يكون قبليا أو بعديا وهي مقاربة وقائية تهدف إلى منع الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، ومن أجل التنزيل السليم لمبادئ حقوق الانسان فإن رئاسة النيابة العامة تعمل على تعزيز قضاة النيابة العامة في مجال حقوق الانسان من خلال اعتماد برامج تستهدف تكوينهم حيث ومنذ سنة 2010 تم تكوين أزيد من 719 قاض و231 من ممثلي باقي القطاعات كما هو الحال بالنسبة لضباط الشرطة القضائية و 209 من المسؤولين القضائيين ، كما تم اعتماد دلائل توجيهية واعطيت الأوامر باعتبار ما جاء فيها تعليمات كتابة تستوجب التنزيل والتطبيق السليم، وفي إطار تعزيز القدرات أيضا تم برمجة دورات تكوينية خاصة بحقوق الانسان في مجال مناهضة التعذيب والمعاملة اللائنسانية وضوابط استخدام القوة اثناء الايقاف ..

العرض الثالث: أوضح الدكتور ابراهيم اشويعر وهو استاذ جامعي بكلية الحقوق بمراكش وعضو مختبر البحث في السياسة الجنائية والقانون المقارن بجامعة القاضي عياض، الكاتب العام للمركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية من خلال عرضه القيم حول موضوع: "المفهوم الجديد للعقوبة بين تحقيق العدالة الجنائية ورهانات حقوق الانسان" أن ايجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية أزمة تعرفها المؤسسات العقابية، والبدائل التي يجب استحضارها هي تلك التي تواكب التشريعات الحديثة وهو مطلب من مطالب الحركة الحقوقية، كما تطرق إلى ضرورة اعتماد سياسة ناجعة للاعتقال باعتبار البعد الانساني للعقوبة، المشرع من جهته حاول مواكبة النقاش الحقوقي من خلال مسودة القانوني الجنائي حيث خصص بدائل متعددة للعقوبات منها المنفعة العامة، غير أن الأمر يتطلب تظافر جهود مختلف الفاعلين وخاصة المؤسسة التشريعية والسلطة التنفيذية من أجل اقرار أنسنة للعقوبة مما يعني أنسة السياسة الجنائية

العرض الرابع: تناولت الدكتورة فاطمة الزهراء السوعايدي ممثلة جمعية التضامن لدعم المرأة والطفل في مداخلتها حول موضوع: " التربية على المواطنة بين خصوصية الهوية وقيم حقوق الإنسان" مفهوم المواطنة الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمبادئ حقوق الانسان ويهدف الى انتماء المواطن للوطن وهي حلقة وصل بين الشخص ووطنه، فالمواطنة هي المشاركة الواعدة لشخص في الحياة المدنية والاجتماعية في مجتمع ما ، ولها أبعاد ثلاثة: البعد الفلسفي القيمي، الذي يعتبر المرجعية القيمية التي تستمد منها مبادئ حقوق الانسان مفاهيم الحرية والقيم المشتركة، ثم البعد السياسي والقانوني وهو مدموعة من المعايير والقواعد التنظيمية والسلوكية والعلائقية ويتضمن هذا البعد التمتع بحقوق المواطنة كحق المشاركة في التدبير والقيام بواجبات المواطنة، والبعد الثالث المتمثل في البعد الإجتماعي والثقافي وهو كون المواطنة محدد لمنظومة القيم الاجتماعية والثقافية.

 

فتح باب المناقشة:

بعد الإنتهاء من تقديم العروض بالجلستين العلميتين، تم فتح باب المناقشة، وبناء على التفاعل الجاد مع أسئلة  المشاركين مع هاته العروض، تم تسجيل مجموعة من النقاط المطروحة للنقاش، و التي يمكن إيجاز أهم خلاصاتها  فيما يلي :

-       الأولوية في مجال حقوق الإنسان هي عبارة عن سلم يتعين الالتزام به فمثلا الحث في الصحة يعلوا على كل الحقوق الأخرى

-       تطوير اسلوب الشكايات في اتجاه عقلنتها وجعلها في خدمة حقوق الانسان

-       مراعاة البعد البيئي في التنمية المجالية على اعتبار أن الحق في مدينة مستدامة هو حق من حقوق الانسان

-       الموازنة بين كونية حقوق الانسان وخصوصية الدول ضرورة حتمية أمام إنعدام حرية المشرع في اصداره للنصوص القانونية، إذ يخضع في ذلك لرقابة دولية بل أن الرقابة ستطال أوامر النيابة العامة بعدما رفع المغرب تحفظاته حيث سيصبح مستقبلا بإمكان المواطن الطعن في قرارات النيابة العامة أمام الهيئات الأممية.

-       ضرورة الإنتقال من ثقافة حقوق الإنسان إلى علم الحقوق والحريات

-       من أجل تفعيل حقوق الانسان يجب العمل على توعية المواطن وتربية النائءة على هذه المبادئ والقيم

ثالثا: توصيات المشاركين في اليوم الدراسي:

خلص المشاركون خالل أشغال هذا اليوم الدراسي إلى الخروج بمجموعة من التوصيات التي يمكن إجمالها فيما يلي:

-       الانفتاح الدائم  للمؤسسات على المبادرات التواقة إلى تعزيز حقوق الإنسان

-       الإعتماد على آلية التقييم الفعلي لقياس فعالية ونجاعة حقوق الانسان

-       تعزيز سيادة دولة القانون والمؤسسات في مجال تكريس حقوق الانسان

-       الانتقال من ثقافة حقوق الانسان إلى علم حقوق الإنسان والحريات

-       ضرورة خلق التوازن بين الجانب العلمي والعملي في مجال حقوق الانسان

-       اعمال مبادئ حقوق الانسان في البرامج والمخططات التنموية

-       تعزيز قدرات الأطر الإدارية والمسؤولين في الجماعات الترابية في مجال حقوق الانسان من خلال برامج للتكوين المستمر مع اشراكها في تكريس قيم حقوق الانسان

-       اعتماد مؤشرات دالة لقياس مدى فعلية حقوق الانسان على المستوى الوطني في مجال السياسات العمومية

-       تشجيع الجامعات المغربية على التكوين والتدريس  وتشجيع البحث العلمي في مجال حقوق الانسان

-       تكريس ثقافة حقوق الانسان في منظومة التربية والتكوين مع خلق نخب جهوية متشبعة بقيم حقوق الانسان

-       ملائمة المنظومة القانونية الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الانسان

-       ادماج البعد البيئي والتنمية المستدامة بشكل أساسي في برامج الجماعات والمؤسسات العمومية

-       تقوية قدرات الموارد البشرية للجماعات الترابية في مجال حماية البيئة

-      
عقد شراكات بين الجماعة والمجتمع المدني الفاعل في المجال البيئي

-       تطبيق استراتجيات التخطيط المستدام ودمجها في البرامج والمشاريغ العمومية

رابعا: صور من اليوم الدراسي